سورة الفرقان - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)}
{ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال} أي بيناً له {تَبَّرْنَا} أي أهلكنا {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القرية} الضمير في أتوا لقريش وغيرهم من الكفار، والقرية قرية قوم لوط، ومطر السوء الحجارة ثم سألهم على رؤيتهم لها؛ لأنها في طريقهم إلى الشام، ثم أخبر أن سبب عدم اعتبارهم بها كفرهم بالنشور. و{يَرْجُونَ} كقوله: {يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} [الفرقان: 21]، وقد ذكر {أهذا الذي} حكاية قولهم على وجه الاستهزاء، فالجملة في موضع مفعول لقول محذوف يدل عليه هذا، وقوله: {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا} استئناف جملة أخرى وتم كلامهم، واستأنف كلام الله تعالى في قوله: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} الآية على وجه التهديد لهم {اتخذ إلهه هَوَاهُ} أي أطاع هواه حتى صار كأنه له إله {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأن الأنعام ليس لها عقول، وهؤلاء لهم عقول ضيعوها، ولأن الأنعام تطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها، وهؤلاء يتركون أنفع الأشياء وهو الثواب، ولا يخافون أضرّ الأشياء وهو العقاب.


{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)}
{أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ} أي إلى صنع ربك وقدرته {مَدَّ الظل} قيل: مدّة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأن الظل حينئذ على الأرض كلها، واعترضه ابن عطية لأن ذلك الوقت من الليل، ولا يقال ظل بالليل، واختار أن مدّ الظل من الإسفار إلى طلوع الشمس وبعد مغيبها بيسير، وقيل: معنى مد الظل؛ أي جعله يمتدّ وينبسط {وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً} أي ثابتاً غير زائل لكنه جعله يزول بالشمس، وقيل: معنى ساكن غير منبسط على الأرض، بل يلتصق بأصل الحائط والشجرة ونحوها {ثُمَّ جَعَلْنَا الشمس عَلَيْهِ دَلِيلاً} قيل: معناه أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها، في سيرها على الظل متى يتسع ومتى ينقبض، ومتى يزول عن مكان إلى آخر، فيبنون على ذلك انتفاعهم به وجلوسهم فيه، وقيل: معناه لولا الشمس لم يعرف أن الظل شيء، لأن الأشياء لم تعرف إلا بأضدادها.


{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46)}
{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} قبضه نسخه وأزالته بالشمس؛ ومعنى يسيراً شيئاً بعد شيء لا دفعة واحدة، فإن قيل: ما معنى ثم في هذه المواضع الثلاثة؟ فالجواب أنه يحتمل أن تكون للترتيب في الزمان أي جعل ألله هذه الأحوال حالاً بعد حال، أو تكون لبيان التفاضل بين هذه الأحوال الثلاثة: وأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم من الثاني.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11